الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المنهجية في قراءة كتب العلم **
أنْ ينتبه طالب العلم، إلى المسألة التي يقرأها في فَهْم بلغةِ أهل العلم، وهذا يحتاج إلى شيء من التفصيل: ذلك أنّ لغة أهل العلم، بها ألفت العلوم فمن نظر مثلا في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، بما يفهمه من لغته الدارجة أو من لغة الجرائد أو من لغة الثقافة العصرية، فإنّه سيخطئ في كثير من المسائل، في فهمها، في فهم مراد شيخ الإسلام من كلامه، لأنّ أهل العلم على اختلاف العصور دونوا العلم بلغة العلم، لم يدونوا العلم بلغتهم في زمانهم حتى يتواصل العلم ويلحق الآخر بالأول في فهم العلم، فإذًا العلم له لغة، العلم له مصطلح، العلم له ألفاظ، يجب أنْ يفهم العلم بالوعاء الذي احتوته تلك الألفاظ، فالألفاظ وعاءٌ للمعاني فكل لفظ، في كتب أهل العلم لا يسوغُ أنْ يفهم بما عند القارئ من المقررات السابقة، لأنّه إذا فهمه على هذا الأساس فإنه سيفهم العلم على غير مراد أهله، وهذه مهمة جدًّا، وإنما تدرك بطلب العلم عند أهل العلم، كيف أو ما مراد العلماء في الفقه بهذه الكلمة؟ و هذه الكلمة؟ وهذه الكلمة؟ ما مرادهم في العقيدة بهذه الكلمة؟ وهذه الكلمة؟ وهذه الكلمة؟ ما مرادهم في النحو؟ إلى آخره. فألفاظ العلم ألفاظ رعاها العلماء، وهكذا ينبغي على كل طالب علمٍ درّس أو تلقى العلم أنْ يجتهد في التعبير عن العلم بلغة أهله، فإنْ عبر عن العلم بغير لغة أهله، فإنّه لن يكون متصلا مع من سبقه بسبب وثيق، وكذلك من فهم كلام أهل العلم على غير ما تقرره لغة أهل العلم، فإنه لن يدرك. : أنّ كتب أهل العلم المطولة والمتوسطة والمختصرة، تحتاج من القارئ ومن طالب العلم إلى تدوين للمهم منها، فالقراءة وحدها غير مجدية، فلابد مع القراءة من تدوينٍ وكتابة، وكم سمعنا في كتب أهل العلم، وفيما خلّفوه مختصرات للكتب، تجد مثلا العالم الفلاني اختصر الكتاب الفلاني، واختصر الكتاب الفلاني، واختصر الكتاب الفلاني، لمَ؟ هل هو رغبة في الاختصار من حيث هو؟ لا، الاختصار نوعٌ فهمٍ للمختصر، ولذلك انتخاب طالب العلم من كتب أهل العلم ما ينفعه في فهم العلم هذا مهم فتأخذ مثلا في قراءتك في المختصرات أو في المطولات تأخذ الفوائد لتجعلها في كُنَّاشَةٍ مستقلة، في دفتر مستقل، وهذه الفوائد تترقى معك، بترقي عمرك في طلب العلم، فستجد يومًا ما بعد سنين عددا، أنّ ما كتبته في أول الطلب مع أنه كان عندك أعَزّ من بيضِ الأنُوق في الفائدة، ستجد أنّه لا شيء، لأنّه صار عندك واضحًا جدًا، بحيث إنك تقول كيف كتبت أول عمري هذه الفائدة فمثلا واحد يكتب الفرق بين السنة والمستحب، بعد سنين يرجع كيف أنا أفرق بين السنة والمستحب!! يعني هذه المسألة واضحة ما تحتاج إلى أنْ تكتب فائدة، من كتب أهل العلم، مثلا يكتب هل المباح من الأحكام التكليفية أو خارج عن الأحكام التكليفية، فائدة ينقلها من كتاب أصول أو كتاب قواعد، وهذا يجد في يوم ما أنّ هذه المسألة لا تستحق أنْ تدون. القواعد انقسامها إلى قواعد كلية وإلى قواعد جزئية، والجزئية انقسامها إلى كذا وكذا في قواعد الفقه، هذه سيكتبها يوما ما ثم بعد ذلك يقول هذه لم أحتج أنْ أكتبها، لظنه أنها صارت واضحة عنده، فمن سهولتها قال لا احتاج إلى كتابتها، وهذا غير صحيح فإنما تتضح بالانتخاب، يعني أنّك إذا قرأت كتابًا، فاجعل دائما بجنبك الدفتر والقلم، واكتب الفوائد التي تمر بك، اكتبها تارة بالعنوان، ترجع إليها في وقت فراغك وتملي، وتارة تكتبها بالتفصيل حتى تراجعها مرّةً وثانيةً وثالثةً، فإذا اتضحت، صار ما بعدها من العلم أيسر، كما تعلّم الصغير ألف باء تاء ثاء، فإنّ العلم كذلك يحتاج إلى تعود، هذه بعض الضوابط العامة في قراءة كتب أهل العلم بعامة. وسبق أنْ ألقيت كلمة بعنوان: كيف تقرأ كتب شيخ الإسلام ابن تيمية)، مؤلفات شيخ الإسلام العقدية، ومؤلفات شيخ الإسلام الفقهية، سواء من الرسائل والقواعد والأصول في هذا العلم أو من هذا العلم، أومن الكتب الكبار، (كيف تقرأ كتب شيخ الإسلام ابن تيمية) هذه آمل أنْ يرجع إليها الأخ لأنها تفصيل وهي طويلة بعض الشيء، تفصيل لضوابط عامة في قراءة كتب شيخ الإسلام رحمه الله، وهي تنطبق أيضا في جمل منها على غالب كتب شيخ الإسلام. إذا تبين ذلك، فـ
|